$5

رواية

Buy this

رواية

$5

✨ ذاكرة من زجاج✨

الكاتبة ملاك ✍️

الفصل الأول :الصحوة

الفصل الثاني :المنزل الغريب

الفصل الثالث :الشك

الفصل الرابع : صوت من الماضي

الفصل الخامس :حوار القلوب

الفصل السادس :لحظة مواجهة الأب

الفصل السابع :مدينة جديدة… بداية جديدة

الفصل الثامن :أشباح الماضي لا تموت بسهولة

الفصل التاسع :المصالحة الحقيقية

الفصل العاشر : السعادة الحقيقية

الفصل الحادي عشر : تكوين العائلة

الفصل الثاني عشر : عودة الشظايا القديمة

الفصل الثالث عشر :الحياة كما يجب أن تكون

الفصل الرابع عشر : رسالة إلى الطفل المنتظر

الفصل الخامس عشر : اكتمال الشظايا

لنبدأ….

فتحت عيناي ببطء شديد... الضوء باهت، والأصوات من حولي مشوشة ... رجل غريب يقف أمامي ... أمي ؟ أبي ؟! "آدم؟ هل تسمعني ؟ قالتها أمي وهي تمسك يدي بقوة.

لم أفهم شيئا ... من هؤلاء ؟ أين أنا؟ جسدي كله ضعيف.... رأسي يؤلمني بشدة وكأن آلاف الإبر تخترقه.

"أين أنا؟" همست بصوت خافت.

قال الطبيب بهدوء

مرحبا بك يا آدم... لقد استيقظت من غيبوبة دامت عشر سنوات ..."

عشر سنوات ...؟!

حاولت أن أسترجع شيئا ... أي ذكرى... عبنا. كان رأسي فارغا كصفحة بيضاء.

عدت إلى منزلنا بعد أسبوع من التأهيل. كل شيء بدا مألوفًا ... وغريبا في آن واحد.

جدران الغرفة ،الستائر، السرير ... لكن لا ذكريات.

في الزاوية البعيدة ... لعبة زجاجية مكسورة مددت يدي لأمسك بها.

بمجرد أن لمستها ....

ومضة !

ظل رجل يقف عند باب غرفتي. صوته الغاضب يصرخ باسمي. صوت زجاج يتحطم.

سقطت اللعبة من يدي. ما الذي رأيته الآن؟ كأنه حلم... أو ربما ذاكرة ؟

في الليل، سمعت همسات من غرفة أبي وأمي:

"لن يتذكر... مستحيل."

لكنه لمس الزجاجة القديمة ... ماذا لو تذكر ؟"

لم أنم تلك الليلة. من كان الرجل في الومضة؟ لماذا خوفي منه بهذا الشكل ؟

في اليوم التالي زارني صديقي القديم رامي كان مترددا، صامتا.

رامي... ما الذي حدث لي ؟ لماذا سقطت من النافذة؟"

تجمد في مكانه... ثم هرب دون جواب.

في تلك الليلة، لم أستطع النوم عيني معلقة بالسقف، وقلبي يدق بقوة. هناك شيء ناقص ... شيء لم يكشف بعد.

قمت من السرير، اتجهت بهدوء نحو غرفة المعيشة، وبدأت أبحث بين الألبومات والصناديق القديمة.

تحت كومة من المجلات القديمة، وجدت شريط تسجيل قديم ... شريط كاسيت.

عليه ملصق مكتوب عليه بخط مرتجف: "لا تفتحه إلا إذا نسیت."

وضعت الشريط في المسجل ... ضغطت "تشغيل"....

انبعث صوتي الصغير من السماعة:

"أنا آدم... عمري عشر سنوات... اليوم أبي غضب كثيرا .... قال إنه سيؤذيني إن لم أترك أمي... أنا خائف... لا أعرف ماذا أفعل ..."

ثم صمت طويل ... وصوت ارتطام... صراخ ... صوت تحطم زجاج ...

أغمضت عيني دموعي انسابت بلا إرادة. الآن اكتملت الصورة ... لم يكن ذلك الحادث صدفة، ولم يكن غضبًا عابرا ... كان كراهية دفينة.

في صباح اليوم التالي، جلست مع أمي. نظرت إليها طويلاً ... لم أكن غاضبًا، بل مجروحًا.

"أمي ... لماذا أخفيت عني الحقيقة كل هذه السنوات؟ لماذا سمحت له بأن ينجو بفعلته ؟"

أجهشت بالبكاء:

كنت ضعيفة يا آدم... خفت ان يتمزق البيت... أن نخسر كل شيء... لم أفكر بك وقتها كما ينبغي. سامحني ....

صمّت. لم أكن أريد سماع الأعذار. لكنني شعرت بالشفقة عليها، على ضعفها ... على خوفها.

في صباح اليوم التالي كان ابي في الخارج ذهبت إليه. كان يجلس وحده في الحديقة، وجهه شاحب كالأموات.

"أبي... أنا أتذكر كل شيء."

رفع رأسه ببطء. رأيت دموعًا حقيقية في عينيه للمرة الأولى.

"أنا... قتلتك يا آدم قتلت روحي معك في تلك الليلة.

ظننت أنني سأحميكم بقسو" لكنني دمرتكم.

اقتربت منه، وضعت يدي على كتفه:

"لا أريدك أن تموت وأنت تحمل هذا الذنب. أنا سامحتك.... لكنني لن أنسى."

أجهش بالبكاء. لأول مرة شعرت أنه انكسر فعلا... انكسر مثل ذاك الزجاج في غرفتي.

في اليوم التالي حزمت حقيبتي قررت السفر إلى مدينة جديدة... دراسة جديدة... حياة جديدة.

وقفت عند باب البيت، نظرت إلى أمي وليلى:

سأعود يومًا ما ... عندما أكون جاهزا ... عندما تشفى ذاكرتي بالكامل."

أمي عانقتني بقوة، ليلى همست:

كن قويا ... كما كنت دائما."

نظرت لأبي في الداخل .... لم أودعه بالكلام، فقط بنظرة عميقة تحمل كل شيء الغفران... والخذلان... والنهاية.

ركبت الحافلة ... وضعت سماعاتي... وأغمضت عيني.

صوت المذياع في المحطة كان يقول:

في كل ذاكرة مكسورة ... بداية جديدة تنتظر من يجمع شظاياها."

ابتسمت. كنت أخيرًا حرًا.

وصل آدم إلى العاصمة ... مدينة صاخبة مليئة بالناس الأصوات، الأضواء... غريبة لكنها لم تكن مخيفة.

استأجر غرفة صغيرة في حي هادئ، وبدأ دراسته في كلية علم النفس.

لماذا علم النفس ؟

لأنه أراد أن يفهم نفسه أولا ... أن يساعد من عاشوا ما عاشه.

في الجامعة، تعرف على فتاة تدعى نور كانت مختلفة....

هادئة، عميقة النظرة تشبهه في شيء لا يعرفه.

في كل مرة تحدث معها، كان يشعر أن قلبه يتعافى قليلاً.

رغم المسافة، كانت الكوابيس تزوره في الليل أبوه يصرخ، زجاج يتحطم، ظل الرجل في الغرفة....

استيقظ مرة وهو يصرخ ... فسمع طرقًا على الباب.

كانت نور

آدم... هل أنت بخير ؟ سمعت صراخك من الممر..."

لم يقل شيئا ... فقط جلس يبكي أمامها ... لأول مرة بعد عشر سنوات... بكاء الطفل الذي لم يبكه وقتها.

نور جلست بقربه... أمسكت يده. "أنت لست وحدك بعد الآن."

بعد أشهر من الدراسة والعمل، بدأ آدم يتغير. أصبح مساعدًا في مركز تأهيل للأطفال المعنفين.

كلما نظر إلى وجوههم، تذكر نفسه في العاشرة... خائفا، هشاً ينتظر من ينقذه.

لكنه لم يعد الطفل الضعيف... أصبح المنقذ.

في يوم من الأيام، دخل صبي صغير إلى المركز....

كان يحمل لعبة زجاجية مكسورة ... تشبه تماما لعبته القديمة.

آدم جلس بقربه وسأله بابتسامة:

هل تحب هذه اللعبة رغم أنها مكسورة؟"

أجاب الطفل:

هي مكسورة ... بس بحبها لأنها الوحيدة اللي عندي."

ضحك آدم والدموع في عينيه.

" وأنا أيضًا أحبها ... لأنها جعلته قويا."

في نهاية العام الدراسي، وصل لآدم رسالة من أمه:

أبوك مريض جدًا ... يريد رؤيتك قبل أن يرحل."

تردد كثيرًا... ثم قرر أن يعود.

دخل غرفته القديمة ... وجد أباه نائما، هزيلا، بلا صوت.

فتح عينيه، رأى آدم، فبكى

قال بصوت مبحوح

"كنت أظن أن القسوة تربي الرجال... كنت غبيا ..

سامحني."

آدم اقترب ... أمسك بيده الهزيلة:

سامحتك منذ أن غادرت هذا البيت... والآن سامح نفسك."

ابتسم الأب... وأغمض عينيه للأبد.

عاد آدم إلى مدينته الجديدة، إلى نور، إلى العمل ... لكن قلبه كان أخف وزنا.

في الربيع، جلس مع نور على ضفة النهر، قال لها:

"هل تصدقين ؟... لم أعد أكره الماضي... إنه مجرد جزء

مني... لكنه لم يعد يتحكم في."

نور ابتسمت و همست

"أنت لم تعد من زجاج يا آدم... أنت الآن من نور."

مد يده نحوها ... أمسكتها برقة.

كان ذلك بداية قصة جديدة ... بلا خوف بلا كوابيس ... فقط أمل.

بعد ثلاث سنوات من الرحيل عن البيت القديم، كان آدم قد

أنهى دراسته، وافتتح عيادته النفسية الخاصة للأطفال الذين عاشوا العنف الأسري.

وفي يوم مشمس ... جلس مع نور في المقهى ذاته الذي جمعهما أول مرة، وأمسك يدها.

قال:

"نور... أريد أن نبدأ عائلة معًا... عائلة لم تعرف الألم... فقط الأمل."

نور نظرت في عينيه، ابتسمت

"وأنا حلمي أن أكون مع رجل لم يسمح لماضيه أن يكسره.... بل جعله أقوى."

وفي تلك اللحظة طلب يدها رسميًا ... كانت لحظة نقية صافية، بلا خوف.

في يوم الخطبة ... جاء زائر غير متوقع .

لیلی، شقيقته الكبرى.

"آدم... جئت لأبارك لك... وأقول لك إنني تركت البيت أيضًا.

لم أحتمل كذبة أخرى بعدك... بدأت حياتي الجديدة."

عانقها بقوة. كانت تلك اللحظة بداية تصالح العائلة كلها.

بعدها بأيام... وصلت أمه أيضًا:

سامحيني يا أمي... أظنك عشت في خوف أكثر مما عشته."

أجهشت بالبكاء في حضنه... "سامحني يا بني... لقد تأخرت كثيرا."

عائلة كانت منكسرة ... بدأت تلملم شظاياها أخيرا.

تزوج آدم من نور في حفل بسيط، مليء بالدفء.

لم تكن هناك مظاهر كبرى ... فقط ناس حقيقيون... عائلة صغيرة تتصالح.

مرت السنوات بكل ما فيها من صعاب وتحديات، لكن الحب الحقيقي دائمًا يعرف كيف يصمد، وكيف يزهر في القلوب التي لا تعرف الاستسلام.

في صباحٍ هادئٍ من أيام الربيع، استيقظ آدم على صوت العصافير الذي طالما اشتاق له في طفولته، وتناهى إلى أنفه عطر الخزامى الذي زرعاه معًا هو وزوجته نور في شرفة منزلهما الجديد. لم يصدق أن هذا كله صار ملكه... حياة بسيطة دافئة، وامرأة تحبه بصدق، تنتظره كل يوم بابتسامة تضيء قلبه قبل يومه.

كانت نور تقف في المطبخ، تجهز له قهوته المعتادة، بيدها اليمنى تلامس بطنها المنتفخ برقة، حيث تنبض في أحشائها حياة صغيرة جديدة... طفلهما الأول، ثمرة هذا الحب الطويل الذي انتظراه معًا بعد سنوات من الألم والغياب والخوف.

اقترب منها آدم من الخلف، أحاط خصرها بذراعيه، ووضع يده فوق يدها، فوق بطنها... شعر بالدفء العميق الذي لم يشعر به منذ زمن.

همس في أذنها قائلاً:

"هل تصدقين أن هذا اليوم أتى أخيرًا؟ كأن القدر عوضنا عن كل شيء دفعة واحدة... زوجتي، وطفلنا في الطريق... وكل هذا السلام."

ابتسمت نور برقة،

جلسا معًا في الحديقة الصغيرة، حيث الشمس ترسل أشعتها الذهبية فوق الورد المزهر، وكانت نور تمسك بكتاب تقرأ منه أسماءً محتملة للمولود، بينما آدم يضحك على بعض الأسماء الغريبة التي تختارها عمداً لتثير ضحكه.

ثم فجأة، وضعت نور يدها على بطنها وقالت بفرح:

"آدم! لقد ركل... شعرت به يتحرك!"

عيناه امتلأتا بالدموع، لم يرد أن يرمش حتى لا يفوته هذا الشعور الفريد. وضع يده مكان يدها، وانتظرا معًا حركة طفلهما الأول.

"إنه يخبرنا أنه هنا... معنا"، قال وهو يقبل جبهتها برقة.

في تلك اللحظة، أدرك آدم أن الحياة منحت له فرصة جديدة، لا فقط ليستعيد ذاكرته، بل ليبدأ حياة جديدة، صافية كزجاج نقي، بعيدًا عن ماضيه المكسور.

في الليل، جلس آدم في العيادة، كتب رسالة صغيرة....

لطفله الذي لم يولد بعد:

"طفلي العزيز ....

ربما ستسمع عن ماض كان مليئا بالزجاج المكسور....

لكنني أعدك ... أنك ستكبر في بيت من نور... من أمان ... من حب .

لن أكون أبي ... ولن تكون أنت مثلي ....

ستكون حرا ... بلا خوف.

وضع الرسالة في صندوق صغير... بجانب لعبته الزجاجية

القديمة ... لم يعد يخشاها بعد الآن.

مرت الشهور، حتى جاء يوم الولادة. كان في غرفة الولادة يمسك بيدها، يتلو لها كلمات الدعم، ولم يتركها للحظة واحدة. وبعد ساعات طويلة من التعب والأمل والدموع... جاء صراخ طفل صغير ملأ الغرفة، ملأ قلوبهم، وكأن الكون كله أشرق من جديد.

كانت نور تبكي بفرح، وعيناها تلمعان وهي ترى آدم يحمل صغيرهما بين ذراعيه، يقبّل جبينه ويهمس:

"مرحبًا بك في عالمنا، يا صغيري... لقد انتظرناك طويلًا."

بعد مرور سنة….

في يوم ميلاد طفله الأول... جلس آدم أمام النافذة... ضوء الشمس يغمر وجهه.

شعر أن حياته اكتملت... أن الماضي صار جزءًا من حكايته لا عبئا عليه.

كانت ذاكرته من زجاج ... لكنها الآن نافذة تطل على المستقبل. مليئة بالنور...

في المساء، جلس الثلاثة معًا في الغرفة الهادئة، حيث لا شيء سوى صوت أنفاسهم الدافئة، وضوء القمر يتسلل من النافذة، ليغمرهم بنوره الناعم.

لم يعد هناك خوف، ولا ماضٍ يطاردهم. كل ما تبقى هو الحاضر الجميل، والمستقبل المشرق.

وهكذا… كانت النهاية، بداية لحياة ملأها الأمل، والضحكات الصغيرة، والخطوات الأولى، وكلمات الأبوة والأمومة، وبساطة السعادة.

ذاكرة الزجاج تحطمت أخيرًا، لتفسح المجال لذاكرة جديدة… ذاكرة من نور.

النهاية…. ✍️

Buy this

قصة ذاكرة من زجاج غامضة جميلة